الشيخ سعد الفقي يكتب: عالم جليل من منا لايعرفه

كنت أنا ومن علي وتيرتي نستمع اليه ونستمتع وهو يلقي المواعظ في العزاءات والمأتم . كان خطيبا مفوها وواعظا لايشق له غبار وعلما من أعلام الدعوه الاسلاميه . انه استاذي الراحل الدكتور أنور عبد الفتاح العطافي ابن قريه بانوب دقهليه .كان له سمت خاص شاب متزن وقور نظيف في ملبسه وهيئته اذا تكلم في محفل صمت الجميع وكأن علي رؤوسهم الطير .رجل دعوه من طراز فريد اللغه عنده رصينه وثابته والأدله حاضره وفي موضعها تماما . القرأن علي لسانه سلاسل من ذهب .كم من المرات استمعت اليه وهو يخطب الجمع ومن حسن حظي أن والدي كان من مريديه وأحد المقربين الي قلبه .فقد دعاه لأداء خطبه الجمعه والصلاه في مسجد بلدنا الوحيد واليتبم ولبي الراحل الكريم دعوته وكان يوما مشهودا مازال الأحياء يتذكرون خطبته وقد دعا الي التألف والحب والتواد وأنه لاداعي للقطيعه بين الناس مستشهدا بالأدله الثوابت من القرأن والسنه التي تعضد مايقول وصدق فيه قول شاعرنا الكبير أحمد شوقي وإذا خطبت فللمنابر هزة ... تعرو الندى وللقلوب بكاء . رأيته وهو يترجل كثيرا بين قريتي أبستو وبانوب مسبحا وذاكرا لله سبحانه وتعالي .عندما تخرج من كليه أصول الدين كان الاول علي دفعته وقد عين في وزاره الاوقاف خطيبا فالتف الناس حوله .ثم سرعان ماصدر قرار جامعه الازهر بتعينه معيدا بالكليه فعرف بين الأساتذه بأنه العالم المبدع والفقيه القادم من الزمن الوارف . شغله العلم لسنوات تحصيلا ودراسه ونشرا بين الناس وهو ماكان سببا في تأخره عن الزواج والأرتباط بشريكه عمره . مع أن كثيرا من عائلات المنطقه كانت تتمني مصاهرته والتقرب اليه ومن منهم مثله في غني النفس وبسطه العلم وكرامته التي كان يحافظ عليها والتي جلبت له الكثير من المشاكل لم يكن استاذي الراحل متكبرا ولكنه كان متواضعا تواضع النفس التي لاتقبل الضيم وربما كان ذلك مبعثا لبعض الأحقاد وهو أمر طبيعي ومنطقي. عندما وطئت قدماي كليه اصول الدين بالمنصوره كنت حريصا علي الألتقاء به والسلام عليه والقرب منه فهو قريب من والدي بل كان يعتبره الأخ الاكبر له . استقبلني بحفاوه وترحاب بالغين .وربت علي كتفي ودعا لي بصلاح الحال . مرت الأيام ومرض العالم الكبير وهو في ذروه التوهج العلمي وفاضت روحه الي بارئها تاركا خلفه ميراث كبير من البحوث والكتب والمشاركات العلميه ويكفيه ماقيل عنه من أساتذه كبار منهم الدكتور / احمد عمر هاشم والدكتور الراحل / موسي شاهين لاشين ومولانا الامام الاكبر الراحل الدكتور / محمد سيد طنطاوي وغيرهم كثير فقد كانوا يعرفون مكانته وقدره الأدبي والعلمي .كان من عداد المفكرين القلائل في جامعه الأزهر وصاحب أراء صائبه واجتهادات علميه متميزه . قالوا عنه " فارس من فرسان علم الحديث وأنه بخارى الدقهليه لشده حفظه للسنه النبويه المشرفه . وقال عنه الدكتور /احمد عمر هاشم ( كيف أناقش العطافى وهو أستاذ الحديث) وعندما كان الدكتور أحمد عمر هاشم فى ندوه علميه فى مدينه المنصوره وسئل أحد الطلبه د/ احمد عمر هاشم فرد قائلا لا أفتى وأنور العطافي بالدقهليه . في عام ٩٣ رحل عالمنا عن عمر يناهز الخمسين تقريبا. بعد رحله كفاح في الحياه وعطاء مازال العقلاء والحكماء يتدارسونها وبتحاكون عنها ... رحم الله تعالي العالم الجليل وبارك في أولاده .. الشيخ / سعد الفقي كاتب وباحث